آخر الأخبار

الأحد، 1 مايو 2016

د. رياض شديفات يكتب : المعلم في يوم العمال

المعلم قامة لا تطاولها كل القامات 
في يوم العمال جلست في مكتبتي الصغيرة , ووضعت أمامي مجموعة من الكتب لأنسج منها مقالة عن المعلم صانع الأجيال , وباني الحضارات , فما وجدت عنوانا أنسب من " المعلم قامة لا تطاولها كل القامات " , ثم بحثت في معاجم اللغة عن مفردة قامة , فوجدتها تدل على الطول ,وهي كلمة ترد على ألسنة الناس فيراد بها طول قامة الإنسان في بعدها المادي والمعنوي , وفي مقالتي اركز على البعد المعنوي . 
فالمعلم لا يطاوله في رفعة الشأن وعلو المكانة غيره بغض النظر عن الواقع الذي صنعته التربية المادية, فالمعلم قامة لا تطاولها كل القامات , ويكفيه فخرا أن أسمه أرتبط مع العلم " وما يعقلها إلا العالمون " فالمعلم , صانع الأجيال , والحضارات الإنسانية الراقية الراشدة يقف خلفها معلم راق في فكره وتفكيره, والفلسفات التي أثرت في تاريخ البشرية يقف خلفها معلم يؤمن برسالته ودوره في بناء الحضارات الإنسانية .
ويكفي المعلم فخرا أن العلماء ورثة الأنبياء هم صنيعة معلم ناجح تواق إلى المجد , فتراه سعيدا فخورا حين يرى تلاميذه وطلابه قد شقوا طرقهم في الرفعة ومدارج المجد في مواقع الحياة المختلفة , وترى المعلم يقدم كل ما عنده من العلم والأدب , والخبرة, والمهارة والتجربة الحياتية , لا يبحث عن جاه ولا عن غني , فقط يريد أن يتغير وجه الحياة ليزول عن الناس البؤس والحرمان , وليرى السعادة والسرور في وجوه الآخرين , فكل رجل دخل التاريخ هو ثمرة من ثمرات جهد المعلم , فالتاريخ الناصع المشرق الناجح يقف خلفه مجتمع يحترم المعلم ويقدر العلم والعلماء , يقف خلف المأمون والمعتصم , ونور الدين , وصلاح الدين ,ومحمد الفاتح يقف خلفهم معلم صاحب علم يدعو إلى رد الظلم , ونصرة المظلوم , ورفع الأذى , وإقامة الحق والعدل . 
ورسالتي لكل فرد في مجتمعي أقول فيها : أن الواقع الموجود ليس صنيعة المعلمين , وإنما هو صنيعة مجموعة من العوامل منها إغفال دور المعلم في بناء الإنسان , وإغفال حق المعلم في الإعداد والتدريب المناسب , وإغفال حق المعلم في الاحترام والتقدير , فالتجديد في المجتمع يتطلب تكريم المعلم ليبقي متنصب القامة , مرفوع الهامة , يضع الدواء حيث يعلم أنه ينفع , فسلام على المعلم الصادق المخلص الغيور على مجتمعه , وسلام على المعلم الذي يتعب جسمه وباله ليرفع من شأن مجتمعه , وسلام على المعلم الذي يملك الكلمة والقلم والحرف ليسطر المجد , ولينير درب العلم والمعرفة , ولتكون كلماته وحروفه صدقة جارية يرجو ثوابها عند الله . 
د . رياض خليف الشديفات / المفرق / 1/5/2016م
شاهد المزيد
التعليقات