
فقبل أيام ضرب الإرهاب الأعمى بعض جنودنا على الحدود الشمالية لينضم عدد منهم إلى كوكبة الشهداء ، ثم رأيناه يضرب مطارا حيويا في تركيا ليذهب ضحية إجرامه العديد من الاطفال والنساء والأبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا في المكان الذي استهدف من قبل مرتكبي هذا الفعل الشنيع ، ثم رأيناه يستهدف المملكة العربية السعودية في أمنها في اماكن في غاية الحساسية والقدسية ، ففي المدنية المنورة حيث المسجد النبوي لترويع الآمنين والباحثين عن الأمن والطمأنينة ، وفي جدة حيث الأمن الاقتصادي ومتعة التسوق ، وفي القطيف حيث حساسية المذهب والطائفة ليرسلوا رسائل تمس الأمن والدين والاقتصاد .
ولا شك أن الطريقة التي يفكر بها مرتكبي هذه الأفعال هي عقلية المختلين عقليا ، وأن النفسية التي ينطلقون هي نفسية مرضى النفوس ، فمن تلوثت يده بقتل الأبرياء لا يعد سويا بحال من الأحوال ، فالدماء معصومة في كل الأديان ، وفي كل الشرائع السماوية والوضعية ، وما يقوم هؤلاء بلباس الدين هو دليل إدانة لهم بنصوص الدين الواضحة التي تحرم قتل النفس ، وبوصايا الرسول التي تحرم المساس بحجر، أو شجر، أو طفل، أو شيخ ، أو امرأة ، وما يفعله هؤلاء هو اعتداء على كل هذه الوصايا ، وعلى تلك النصوص والمواثيق التي جاءت لتمنح الإنسان أي كان هذا الإنسان نعمة الأمن والسلام والعيش في ظلال الكرامة الإنسانية .
ويمكن اطلاق وصف الوباء على هذا الداء الخطير الذي لا يعرف الحدود والحواجز ، ولا يعترف بالمناعة الصحية ، ولا المناعة الثقافية ، ولا المناعة الوطنية ، ولا المناعية الدينية ، ولا يقيم وزنا للفتاوى التي تحرم هذا السلوك ، ولا يقيم وزنا للوصايا والثقافات التي تدعو إلى التعايش بين بني الإنسان ، وهذه الأمور مجتمعة تقتضي جعل الأمن أولوية قصوى بمزيد من الحرص والوعي والانتباه والجاهزية ، وزيادة أفراد الأمن الساهرين على أمن الوطن ، واعداداهم وتدريبهم وتكريمهم ليبقى الوطن واحة أمن وسلام ، اللهم إنا نستودعك آمننا وبلادنا ووطننا وبلاد المسلمين بحفظك ورعايتك وعنايتك وبعينك التي لا تنام .
د . رياض خليف الشديفات / المفرق / 29/رمضان / 1437للهجرة .
شاهد المزيد