آخر الأخبار

السبت، 2 يوليو 2016

د.رياض شديفات يكتب : كيف نحفظ ماء وجهنا في حياتنا المعاصرة ؟

تعبير حفظ ماء الوجه من الألفاظ التي يراد بها المحافظة على الكرامة الإنسانية وعدم إراقتها وهدرها بما لا يناسبها من الأقوال والأفعال والمواقف التي تتناقض مع العرف والثقافة والدين باعتبار الكرامة الإنسانية قضية فطرية فطر الناس عليها ، وهذه الكرامة تكون لدى الأفراد ولدى الجماعات ، وتحرص الأمم والشعوب الحية على غرسها وتنميتها في أجيالها ليتوارثوها جيلاً عن جيل .
ومن الأمثلة على عدم حفظ ماء الوجه للأفراد ذل سؤال الناس عبر المسألة التي فيها ذلة لهم ، أو الظهور من قبل النساء بهيئة غير محتشمة في الأماكن العامة أو المناسبات العامة مما ينتقص من ماء الوجه ، أو كظهور العِالم أو الكبير في السن أو الوجيه لدى بني قومه بصورة مخلة بمروءته وكرامته . 
وقد درج الناس في الثقافة العربية الإسلامية على حفظ ماء وجههم من كل ما يريقه أو ينال من مروءتهم التي تعد من أعز ما يحرصون عليه ، ولا مجال للتفريط بها تحت أي ظرف كان ، ومما توارثه الناس في ثقافتهم أن الكذب من خوارم المروءة ، وكذلك الخيانة وضعف الأمانة ، والتفريط بالعفة والشرف والسمعة التي لا يعدلها شيء ، ومنها أن مقابلة الإحسان بالإحسان مروءة ، ومقابلة الجميل بالنكران خسة ، فحفظ الجميل والمعروف من صفات كرام الناس .
من أجل هذا كنا نجد حرص العربي على الدفاع عما يحفظ ماء وجه بدفاعه عن دينه ووطنه وشرفه ومبادئه التي تشكل كرامته التي بها حفظ ماء وجهه ، كما أنهم يعدون التملق، والوشاية، والكسل عن العمل ، وسؤال الناس من مريقات ماء الوجه ، والعرب يقولون : " إذا قل ماء الوجه قل الحياء فيه " وهذا معنى الحديث الشريف " إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " ومما لا شك أن ماء الوجه يكون عبر منظومة متكاملة من القيم والمبادئ والسلوكيات ترفع من شأن الكرامة الإنسانية .
وعلى مستوى الأمة والجماعة فإن حفظ ماء الوجه يكون بوحدة كلمتها وبعدها عن سؤال واستجداء أعدائها ، وحرصها على العمل والبناء والإنتاج الذي يمكنها من المحافظة على كرامتها وهيبتها ، وإن شماتة الأعداء من أشد الأمور إيلاماً للأمة التي تعرف مكانتها .
ومما يؤسف له أن الأمة بواقعها الأليم الذي نراه قد أراقت ماء وجهها ، وقد فرطت بكرامتها ، وقد رهنت قرارها بتمكين أعدائها من نحرها ، ومما يزيد الأمر عجباً أن أجسامها تنمو وعقولها تصغر عن إدراك ما يراد لها من هوان وذل ، وهي ترقص على جراحها ، فلم تتعلم من تجارب الأيام ، ولم تسارع إلى إصلاح حالها ، فمتى ندرك أفراداً وجماعات معنى حفظ ماء الوجه وحفظ كرامتنا التي قد تستر عيوبنا التي تجاوزت كل الحدود في مجتمعات تزعم محافظتها على ماء وجهها وكرامتها ؟ ……
شاهد المزيد
التعليقات