آخر الأخبار

الأربعاء، 10 أغسطس 2016

د.رياض الشديفات يكتب : ثقافة الفزعة لا تبني وطنا

من المفاهيم التي يستخدمها المجتمع الأردني مفهوم " ثقافة الفزعة " وهي ثقافة إيجابية في المواقف والمواسم والمناسبات التي تستدعي سرعة النجدة ، ومساعدة المحتاج ، وطالب العون والغوث ، ولا سيما في حالات الطوارئ وتعرض بعض الناس إلى موقف يستدعي المساعدة العاجلة ، فترى الأردني يهب لنجدة طالب المساعدة على عجل ودون إبطاء ، وهذا الأمر محمود في ثقافة مجتمعنا ، ويتصف من يقوم بهذه بصفة " النخوة " التي لا يتصف بها إلا من كان من أهل الخصال الحميدة من الناس ، وفي ديننا الحنيف ما يدعو إلى ذلك ، وفي مورثنا الاجتماعي ما يدعو إلى ذلك ايضا .
وما سبق ذكره وبيانه في الفقرة السابقة ليس محل خلاف ولا جدال ، فالأفراد حين يقومون بذلك إنما يؤدون واجبا اجتماعيا ، أو اخلاقيا ، أو دينيا ، ولكن المجتمعات لا تبني قوانينها وخططها للطوارئ فقط ، وإنما تبني خططها لكل المواقف والحالات العادية والطارئة ، وهذا غير مشاهد على أرض الواقع في مجتمعنا بصورة عملية ، فما يحدث أن ثقافة الفزعة على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع والدولة هي السائدة ، فحين يقع حدث ما يسارع الجميع إلى البحث عن طرق معالجة الخلل ، ودراسة ما وقع بطريقة مستعجلة قد لا تضمن الحلول الكافية لمواجهة التحديات .
وإن المجتمعات الحية ، والدول الفاعلة هي التي تضع خططها لكل الاحتمالات ، كما تضع خططها لمواجهة اسوأ الاحتمالات في مختلف الصعد ، فالإدارة الناجحة التي تتضمن خططها البرامج الكفيلة بمواجهة التحديات ، وهذا الفارق بين مجتمعاتنا ودولنا وبين المجتمعات العالمية الأخرى التي وضعت خططها وبرامجها لمئات السنين ، وهي تقوم بتنفيذها حسب ما وضعت له زمنيا مراعية بذلك الابعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعسكرية والأمنية ، ويتم مراجعة هذه الخطط بين الفترة والاخرى مع مراعاة المتغيرات التي تحدث لمراعاة عنصر المرونة في تلك الخطط . 
وفي مجتمعنا الأردني نحن مطلوبون أن نتعلم من تجارب الأخرين ، وأن نستفيد من خبراتهم في مواجهة التحديات ، فالحكمة ضالة المؤمن ، ودراسة تاريخ الشعوب والأمم يغني عن الوقوع في نفس الأخطاء ، وعلينا أن نعلم علم اليقين أن ثقافة الفزعة تصلح على الصعيد الاجتماعي، لكنها لا تصلح على صعيد الدولة والمؤسسات الرسمية .
شاهد المزيد
التعليقات