بلعما نيوز - اسلاميات - د. ماجد عليمات
فهذا جمع مختصر لأحكام وآداب الأضحية بمناسبة
قرب حلول عيد الأضحى المبارك بياناً ونصحاً لأخي المسلم عسى أن يكون ذلك عوناً له
على تحقيق شرطي قبول العمل في أضحيته من إخلاص لله تعالى ومتابعة لنبيه صلى الله
عليه وسلم. أسأل الله أن يكون ذلك خالصاً لوجهه، نافعاً لقارئه. (جمعه ورتبه: الفقير/ عصام الكسباني ]أبو
لقمان[).
أولاً: تعريف الأضحية وحكمها:
·
الأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى
الله عز وجل، وهي من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين.
·
فقد أجمع المسلمون على مشروعيتها. واختلفوا: هل هي سنة مؤكدة، أو واجبة لا
يجوز تركها؟
o
فذهب جمهور العلماء إلى أنها سنة مؤكدة، وهو مذهب الشافعي، ومالك، وأحمد
في المشهور عنهما.
o
وذهب آخرون إلى أنها واجبة، وهو مذهب أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أحمد،
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: هو أحد القولين في مذهب مالك، أو ظاهر مذهب
مالك.
o
وقد ذهب إلى وجوبها على الأعيان ذوي اليسار جماعة من أهل العلم؛ لأحاديث
دالة على ذلك.
ثانياً: شروط الأضحية: ويشترط
لها ستة شروط:
·أحدها: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر
والغنم ضأنها ومعزها، هذا هو المعروف عند العرب، وقاله الحسن وقتادة وغير واحد.
·الثاني: أن تبلغ السن المحدود شرعاً بأن تكون جذعة من
الضأن، أو ثنية من غيره لقوله صلى الله عليه وسلّم: «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن
تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن». رواه مسلم. والمسنة: الثنية فما فوقها،
والجذعة ما دون ذلك. فالثني من الإبل: ما تم له خمس سنين، والثني من البقر: ما
تم له سنتان. والثني من الغنم ما تم له سنة، والجذع: ما تم له نصف سنة، فلا
تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز، ولا بما دون الجذع من الضأن.
·الثالث: أن تكون خالية من العيوب المانعة من
الإجزاء وهي أربعة ظاهرة في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقي من الضحايا
فأشار بيده وقال: «أربعاً: العرجاء البين ضلعها، والعوراء
البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا
تنقى». رواه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عازب، فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية بما
تعيب بها، ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد.
·الشرط الرابع: أن تكون مِلكاً للمضحي، أو مأذوناً
له فيها من قبل الشرع، أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب
والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه؛ لأنه لا يصح التقرب إلى الله بمعصيته. وتصح
تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية. وتصح
تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه.
·الشرط الخامس: أن لا يتعلق بها حق للغير فلا تصح
التضحية بالمرهون.·الشرط السادس: أن يضحى بها في الوقت المحدود
شرعاً وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام
التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد
بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد، أو بعد غروب الشمس
يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته.
.لكن! لو حصل له عذر بالتأخير عن أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير
تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت، أو يوكل من يذبحها فينسى الوكيل حتى يخرج
الوقت فلا بأس أن تذبح بعد خروج الوقت للعذر، وقياساً على من نام عن صلاة أو نسيها
فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها.
·ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهاراً، والذبح في النهار أولى، ويوم
العيد بعد الخطبتين أفضل، وكل يوم أفضل مما يليه؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل
الخير.
ثالثاً: الأفضل من الأضاحي جنساً أو صفة:
. الأفضل من الأضاحي جنساً: الإبل، ثم البقر إن ضحى بها كاملة، ثم
الضأن، ثم المعز، ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة.
· والأفضل منها صفة: الأسمن الأكثر لحماً، الأكمل خلقة، الأحسن منظراً.
رابعاً : فيمن تجزىء عنه الأضحية:
· تجزىء الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين؛
كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
· ويجزىء سبع البعير أو سبع البقر عما تجزىء عنه الواحدة من الغنم، فلو ضحى
الرجل بسبع بعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك.
· ولا تجزىء الواحدة من الغنم عن شخصين فأكثر يشتريانها فيضحيان بها؛ لعدم
ورود ذلك في الكتاب والسنة، كما لا يجزىء أن يشترك ثمانية فأكثر في بعير أو بقرة.
خامساً: فيما يؤكل ويفرق من الأضحية:
· يشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي (للأغنياء)، ويتصدق (على الفقراء).
· وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مقدار ما يأكل ويهدي ويتصدق،
والأمر في ذلك واسع، والمختار أن يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.
· ويحرم أن يبيع شيئاً من الأضحية لا لحماً ولا غيره حتى الجلد، ولا يعطي
الجازر شيئاً منها في مقابلة الأجرة أو بعضها لأن ذلك بمعنى البيع.
سادساً: فيما يجتنبه من أراد الأضحية:
. إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله، أو إكمال ذي
القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره أو جلده
حتى يذبح أضحيته.
· وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا إثم عليه فيما
أخذه قبل النية. والحكمة في هذا النهي أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال
النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من
الإمساك عن الشعر ونحوه.
· وهذا حكم خاص بمن يضحي، أما من يضحى عنه فلا يتعلق به. وعلى هذا فيجوز
لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من الشعر والظفر والبشرة.
· وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى
الله تعالى ولا يعود، ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية كما يظن بعض
العوام. وإذا أخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً، أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم
عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصه،
أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله، أو يحتاج إلى قصه لمداواة جرح ونحوه.
سابعاً : في الذكاة وشروطها:
الذكاة: فعل ما يحل به الحيوان الذي لا يحل إلا بها من
نحر، أو ذبح، أو جرح. فالنحر للإبل: والذبح لغيرها. والجرح لما لا يُقدر عليه إلا
به.
ويشترط للذكاة شروطاً منها:
· الشرط الأول: أن يكون المذكي عاقلاً مميزاً.
·الشرط الثاني: أن يكون المذكي مسلماً، أو كتابياً
وهو من ينتسب إلى دين اليهود أو النصارى. فأما المسلم فيحل ما ذكاه سواء كان ذكراً
أم أنثى، عدلاً أم فاسقاً، طاهراً أم محدثاً. وأما الكتابي فيحل ما ذكاه سواء كان
أبوه وأمه كتابيين أم لا. وقد أجمع المسلمون على حل ما ذكاه الكتابي.
· الشرط الثالث: أن يقصد التذكية، لأن التذكية فعل
خاص يحتاج إلى نية، فإن لم يقصد التذكية لم تحل الذبيحة، مثل أن تصول عليه بهيمة
فيذبحها للدفاع عن نفسه فقط.
· الشرط الرابع: أن يذكر اسم الله تعالى عليها
فيقول عند تذكيتها باسم الله. فإن
لم يذكر اسم الله تعالى عليها لم تحل، ولا فرق بين أن يترك اسم الله عليها عمداً
مع العلم أو نسياناً أو جهلاً لعموم الاية في ذلك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم
جعل التسمية شرطاً في الحل، والشرط لا يسقط بالنسيان والجهل، ولأنه لو أزهق روحها
بغير إنهار الدم ناسياً أو جاهلاً لم تحل فكذلك إذا ترك التسمية؛ لأن الكلام فيهما
واحد من متكلم واحد فلا يتجه التفريق. وإذا كان المذكي أخرس لا يستطيع النطق
بالتسمية كفته الإشارة الدالة.
· الشرط الخامس: أن تكون الذكاة بمحَدد ينهر الدم
من حديد أو أحجار أو زجاج أو غيرها. فإن أزهق روحها بغير محدد لم تحل مثل أن
يخنقها أو يصعقها بالكهرباء ونحوه حتى تموت.
ثامناً : في آداب الذكاة:
للذكاة آداب ينبغي مراعاتها ولا تشترط في حل
الذكية بل تحل بدونها فمنها:
1 ـ استقبال القبلة بالذكية حين
تذكيتها.
2 ـ الإحسان في تذكيتها بحيث تكون
بآلة حادة يمرها على محل الذكاة بقوة وسرعة.
3 ـ أن تكون الذكاة في الإبل نحراً،
وفي غيرها ذبحاً فينحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، فإن صعب عليه ذلك نحرها
باركة. ويذبح غيرها على جنبها الأيسر، فإن كان الذابح أعسر يعمل بيده اليسرى ذبحها
على الجنب الأيمن إن كان أريح للذبيحة وأمكن له. ويسن أن يضع رجله على عنقها
ليتمكن منها.
وأما البروك عليها والإمساك
بقوائمها فلا أصل له من السنة، وقد ذكر بعض العلماء أن من فوائد ترك الإمساك
بالقوائم زيادة إنهار الدم بالحركة والاضطراب.
4 ـ قطع الحلقوم والمريء زيادة على قطع الودجين.
5 ـ أن يستر السكين عن البهيمة عند حدها فلا
تراها إلا عند الذبح.
6 ـ أن يكبر الله تعالى بعد التسمية، فيقول :
بسم الله والله أكبر.
7 ـ أن يسمي عند ذبح الأضحية أو العقيقة من هي
له (إذ لم يذبح بنفسه) بعد التسمية والتكبير، ويسأل الله قبولها فيقول: بسم الله
والله أكبر، اللهم منك ولك عني إن كانت له، أو عن فلان إن كانت لغيره. اللهم تقبل
مني إن كانت له، أو من فلان إن كانت لغيره.
(مختصر بتصرف من رسالة "أحكام الأضحية والذكاة" للشيخ / محمد
بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى)
شاهد المزيد